Category Archives: المجتمع

البيجامة: فاصنع ما شئت

منذ أن كنت صغيرا كان فضولي يتجاوز عالم الأفكار إلى عالم العلاقات وارتباط العلاقات الانسانية والمجتمعية بانتشار أفكار معينة، ومنها أتفهم وجود سلوكيات معينة ناتجة عن تشكيل وعي جمعي نشأ عن هذه العلاقات وهذه الأفكار ..

بالطبع .. لم أكن أستطيع تنظير هذا الفضول أو شرحه كما شرحته سابقا إلى أن عرفت أن هناك علم الاجتماع الذي يؤصل هذا العلم .. ومن أفضل من قرأت لهم في الحضارة حقيقة هو “المهندس” مالك بن نبي، وكذلك بعد ان تعلمت من الباحث في علم النفس المجتمعي والسياسي الدكتور رفيق حبيب ..

المهم … لماذا هذه المقدمة؟؟
يقف أمامي الحديث : “إذا لم تستح فاصنع ما شئت” – وهو من الأحاديث التي أضعها في التعريف الخاص بي على الفيس بوك منذ أن أنشأت حسابي لأنه قد وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه “من كلام النبوة الأولى” – كحديث معجز في ذاته وفي وصفه وفي دلالاته والحكمة التي فيه ..

فالحديث لا يصف فقط خلق الحياء أنك لو استحييت ممن هم حولك فلن تقوم بالسئ فقط ..
بل هو يؤكد أن في حالة انتفاء خلق الحياء يقوم الانسان بما شاء .. فهو على معنيين ..

وفي المجتمعات وعالم العلاقات .. لو كان أوساط الناس ومعتادهم المعصية .. انتشرت وسطهم المعصية وقام بها الانسان بلا تحرج ممن حوله ..

فلو كان الطبيعي أن الصديقات غير محجبات .. كان عدم الحجاب سهلا .. أو التخفف من الحجاب سلسا .. بل أن الحجاب نفسه قد يكون نوعا من الفضل في مثل هذا الوسط ..
لو كان الطبيعي وسط الصحبة السباب والفحش من القول .. كان من غير الطبيعي عدم استخدام هذه الألفاظ في الحديث .. بل أن الكلام بدون فحش يصير فضلا ويعتبره البعض تعاليا .. والكلام بصوت خفيض وقدر الكلام يصير نوع من الكبر أو الاستعلاء أو قلة في الرجولة .. فيصير الحياء من عدم استخدام هذه الألفاظ أولى ..
ولو كان الوسط طبيعي فيه ارتداء الثوب وغطاء الرأس واطلاق اللحية .. صار اللباس العادي من بناطيل الجينز والتي شيرت وعدم تغطية الرأس وحلق اللحية نوع من العزلة الشعورية ويستحيي المرأ ممن حوله ..
ونجد كذلك أن هناك من يدخنون بنفس هذا المنطق .. حيث أن من يعرضون عليهم المشاركة في الدخان يمثلون ضغطا اجتماعيا .. كبيرا .. وكذلك المخدرات أولى خطواتها تأتي من مثل هذا الضغط .. الخجل أن يكون هو وحده الذي لم يجرب وسط “أقرانه”

فصار في ذهني هذا الحديث كدلالة على الضغط الاجتماعي في معنى ثالث عن المعنيين السابقين ..

وكتجربة شخصية فالسلوك يختلف من صحبة لأخرى .. حيث أن الصحبة التي تعلي من شأن العلم تحمل المرء لكي يعمل على طلبه والوصول للمعالي فيه .. ويصير الحياء هو التكلم بجهل .. والصحبة التي لا تعلي من شأن صلاة الجماعة وتهجر المساجد .. تجد الحياء معهم هو أن تتفرد بصلاة الجماعة وقطع الجلسة معهم لتدركها في المسجد بحجة أنك ستصلي معهم وقت أن يقرروا أن الصلاة جاء وقتها .. وكذلك تحديد حدود الاخنلاط وما هو مباح وممكن مما هو غير ذلك من مجموعة إلى أخرى .. وهكذا ..

ولذلك فالصحبة أو الأقران هم من يحدد من أنت .. وما هي حدودك وما هو ما تستحيي منه وما تعتاده .. حدودك هي ما تعتاده في صحبتك ..

ولذلك تحرص الجاهليات والوثنيات والأفكار الضالة على صيانة علاقاتهم الاجتماعية ونشر أفكارهم من خلال أنديتهم وجمعياتهم وأحزابهم ومؤسساتهم وشبكات مصالحهم .. وتجد أن ضعاف الايمان لا يقدرون على قطع علاقاتهم وتغيير أفكارهم لوجود مصالح مباشرة ستنقطع بمجرد تغيير الأفكار .. لأن هناك خوف من تغيير الأفكار في هذا الوسط وهو ليس حياء فطري مقبول بل خشية مشبوهة من انقطاع الأسباب بتغيير القناعات .. فعبر الله عنها بلفظ الاستخفاء “”يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ” سورة النساء وذلك لأنه عكس الفطرة السوية ..

وإذا قوي الايمان عند المرء صار الحياء من الله أقوى .. فصارت الهجرة من الذنوب والمعاصي هي الهجرة…. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم” لا هجرة بعد الفتح؛ لكن جهاد ونية ” متفق عليه. ولذلك فعلى من يتوب إلى الله أن يحذر صحبته ويناصحها ويأخذ على يدي الناس حتى يرجعوا .. مع التواجد في صحبة أفضل لا تأتي هذه الذنوب والمعاصي والمخالفات ..

ولذلك فالصحبة والأقران والعلاقات يجب أن تكون كلها في الله ولله .. فقد قال تعالى فيمن كان قبلنا : ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ [ المائدة ].
النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي، نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، قال يزيد: وأحسبه قال في أسواقهم، وواكلوهم، وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ﴾ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً، فجلس، فقال: «لا، والذي نفسي بيده، حتى تأطروهم على الحق أطراً»

وفي حديث آخر قال رسول الله : «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل، فيقول: يا هذا، اتقِ الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله، وشريبه، وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: ]لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﴾ إلى قوله ]فاسقون[، ثم قال: «كلا والله، لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهوُنَّ عن المنكر، ولتأخذُنَّ على يد الظالم، ولتأطرنَّهُ على الحق أطراً، أو تقصرُنَّه على الحق قصراً»

ولذلك فعلى الناس ملازمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحماية فطرتك وحياؤك، وملازمة جماعة الخير والمؤمنين التي تقبل ذلك، تأتمر إذا أُمرَت وتنتهي إذا نُهيَت، لا تستكبر أن يتناصح فيها الناس مع اختلاف مراتبهم.

ولذلك فالمرجعية في الحياء هي الحياء من الله، وهي كما وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال “استحيوا من الله حق الحياء “فقلنا يا نبي الله إنا لنستحيي قال:” ليس ذلك ولكن من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ومن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء” هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (المستدرك على الصحيحين) ويترجم ذلك الصالحون من عصرنا ومجتمعاتهم وما يقبلونه من طيب ويوافق الشرع فهو طيب وما يستقبحونه وليس من الشرع فهو القبيح : عَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْصِنِي ، قَالَ : أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ .

يقول الراغب الأصفهاني رحمه الله :
“حق الإنسان إذا همَّ بقبيح أن يتصور أجل من في نفسه حتى كأنه يراه ، فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ، ولذلك لا يستحي من الحيوان ، ولا من الأطفال ، ولا من الذين لا يميزون ، ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ، ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد. ”

وفي ذلك قال ابن القيم ..

فرحك بالذنب
اشد على الله من الذنب
………………..
وضحكك وانت تقوم بالذنب
اشد عند الله من الذنب
…………………
وحزنك على فوات الذنب اذا فاتك
اشد عند الله من الذنب
………………
وحزنك على فوات المعصية
اثـــــقل من المعصية ذاتها فى الميزان
……………………..
وحرصك ان تستر نفسك وانت تقوم بالذنب
اشد عند الله من الذنب الف الف مرة
……………………….
أتخاف الناس ؟..أتستحي من الناس ؟؟..ولا تستحي من ربك؟؟؟؟؟

ولذلك يمثل الحديث ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) رواه البخاري، قيمة عليا يعيش في معيتها الانسان المسلم تصونه فيها العلاقات مع المؤمنين ونشر الأفكار الموافقة لأصول الدين لحماية فطرته .. وانتشار الأمر بالمعروف النهي عن المنكر كصيانة لهذا المجتمع .. ونشر الدعوة للتوسع فيه وتشبيك المجتمع الانساني في هذه المعاني الكبرى لتحقيق غاية الله منه ..

اللهم تب علينا لنتوب .. توفنا مسلمين واحشرنا مع الصالحين

البيجامة: المثالية العدمية

حبايبنا اللي لسه على الحياد ومش عاجبهم دول ولا دول .. عارفين المشكلة فين .. ؟؟ في الperfectionism .. أو في مثاليتكم الزائدة .. واللي ممكن تكون “كبر” في حد ذاتها…
الناس متخيلة ان أهل الحق لازم يبقوا زي اللي في دماغهم وعلى مقاس تفكيرهم وأولوياتهم زيهم بالضبط .. وبنفس ثقافتهم على الأقل أو أحسن .. بينما الحقيقة بتبقى أن أهل الحق غالبا بيبقوا أبسط ناس ولكن أكثرهم حبا وتذكيرا بالله ..
بالطريقة ده .. حاتستنوا كثير عالحياد .. ومش حاتنصروا الحق .. وحاتعيشوا وتموتوا وأنتم ما بلليتوش رجليكم ولا وسختم هدومكم في سبيل الله علشان مش عاجبكم أن أهل الحق مش على مقاس تفكيركم وتوقعاتكم .. !!!

البيجامة : النموذج السلوكي الكامل

الآن من أولى الأوليات ربط الشباب بالنموذج السلوكي لخير البرية محمد صلى الله عليه وسلم ..
فالركن الأول من الشهادة .. “أشهد أن لا إله إلا الله” نفي الآلهة واثبات ألوهية الله عز وجل … وتمثلت في اقرار شرعه والسعي لتمكين دينه ..

والركن الثاني من الشهادة .. “وأشهد أن محمدا رسول الله” .. وهي اقرار لصلة السماء بالأرض من خلال النبوة.. واقرار اصطفاء الله لرسله وأنبياءه . واقرار أن خاتمهم ومتمم رسالتهم هو محمد صلى الله عليه وسلم .. نموذج الكمال الانساني .. والمراد الإلهي من البشر .. الذي قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ..

قول الله تعالى في كتابه الكريم موضحا جوهر رسالة رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]
﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [الفتح: 28]
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]

فالآن .. بجانب رصيد التعلق الوجداني الطبيعي الموجود عند الناس تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم .. علينا أن نبسط للناس سنته صلى الله عليه وسلم، بطريقة تطبيقية سلسلة وسهلة .. فكل سنته صلى الله عليه وسلم هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها … ورصيد الفطرة لا زال موجودا بالرغم من التجريف الذي تم في جاهلية هذا العصر …

على الدعاة وعلماء النفس والتربية والتدريب أن يعملوا بجد لتبسيط نموذج الكمال الانساني الممثل للنبي صلى الله عليه وسلم.. وتقديمه بأساليب حديثة .. وليس فقط بعرضها في دروس المساجد، وبناء نماذج معرفية وأصول علوم التنمية البشرية من منظور السنة وجعل المستهدف من الحكمة في مواقف الناس كلها .. هو الحكمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ..

فليكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدنا حقا … ليسقينا جميعا على الحوض من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا …

البيجامة: قيمة الحرية

الحرية ..

يتعبد الرجل في محراب المال، ويضيعون زهرة أعمارهم وحياتهم لتحصيلها ويقيسون الدنيا على كم ما يجنون من المال .. ويضعون أغلال الأقساط والقروض الربوية ..
ثم يدافعون عن قيمة الحرية ..

يتعبد الرجل في زار المجتمع.. ينسك نسكه .. ويقلد مسلك آباءه وأجداده .. ويبني تصوراته على ظنيات لا أساس لها من الصحة .. إلا ما تعلمه من “العيب” و “المفروض” و “هو كده” و “هم اللي قالولي” و “الناس كلها بتقول كده وبتعمل كده” ..
ثم يتكلم عن الحرية ..

يخضع لمن يملك المال والقوة .. يتعبد لمن يعطيه أجره .. فيظن أن بيده نفعه وضره .. وان بيده رزقه او حبس الرزق عنه .. او بيده احياؤه او اماتته .. ويقول “أنا عبد المأمور” .. و “اربط الحمار مطرح ما يرتاح صاحبه” ..
ثم يذهب ليتحدث عن الحرية ..

يهرطق عليه رجل يلبس اردية اشبه باردية المهرجين .. فيقول له افعل ولا تفعل .. هذا حلال وهذا حرام .. ويدعي انه يتحدث باسم الرب .. فيطيعه وينفق عليه .. ويعتقد انه يملك مفاتيح السماء وامر آخرته .. فيظن ان رضاؤه من رضا الرب ..
ثم يخرج ليدعو الناس لقيمة الحرية ..

بئس المدعين .. وبئس المثال ..

عن مشروع البيجامة


مشروع البيجامة هو مشروع اصلاح اجتماعي وسياسي بدأت فيه منذ عام 2009، وتفرغت له تماما واستقلت من عملي في شركة أورانج (حيث كنت مدير اقليمي لتنفيذ المشروعات لمنطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا وأفريقيا – ومعي فريق من 13 فرد، ومسئولية تنفيذ الخدمات للعملاء في 64 دولة) لأتفرغ لهذا المشروع …

كان أول باكورة انتاجية عملية لمشروع البيجامة هي عيش وملح وكانت مبادرة عملية تعمل على المشترك .. للأسف لم تنجح في الاستمرار مع الاستقطاب الذي مضى، وإن كانت فكرتها لا زالت قائمة لو أراد شركاء الوطن.. لأنه يتوجب وجود إرادة من جميع الأطراف لاستمرار مثل هذه المبادرة، وللعلم فبنفس المبادئ التي قامت عليها هذه المبادرة، قامت مبادرات أخرى ونجحت أن تعمل على لم الشمل بين الاسلاميين والمصريين من التيار المصري الأساسي بعد أن كانت بينهم عداوات سابقة.

وكانت حقيقة هذه المبادرة ان تعلم الناس ثقافة الحوار، وادارة الاختلاف والتنوع، والانفتاح على المجتمع بكل أطيافه، وحل مشكلاته الاجتماعية، والعمل على ما يقرب ولا يفرق .. ومن نتائجها واعمالها عدة ندوات، وحلقات حوار وصالونات، وظهور إعلامي طيب، وورش تدريب ورحلات ومعسكرات. ودعم أعمال مجتمعية قائمة كالتيار الرئيسي المصري، والمؤسسة المصرية للمسئولية الوطنية، ومؤسسة عمارة الانسان (بيت البركة) وحماة المستقبل، وغيرها، والبدء في مشروع المخدرات “نعلي” كمؤسسة تنسيقية.

ولأن الأسرة هي قوام المجتمع ولبنته الأساسية في الفلسفة الاصلاحية لمشروع البيجامة، فقد بدأ مشروع إصلاح الأسرة وملفه بكتاب The Sacred Bond الرباط المقدس وهو مشروع اصلاحي لمؤسسة الأسرة في المجتمع، ومعه مشروع كامل للاصلاح المؤسسي في الدولة لرعاية الأسرة وحمايتها.

وتم عمل ورش عمل، وتدريب كامل، وندوات، وظهور إعلامي في برامج تلفزيونية مختلفة وعمل موقع وتواصل جماهيري ودعم واستشارات زوجية على مدى عامين إلى الآن الحمد لله، وجاري توسيع المشروع والمبادرة لشكل أكثر مؤسسية إن شاء الله.

وكذلك لأن هناك مسئوليات على الفرد لانجاح مؤسسة الأسرة، وللتفاعل الايجابي مع المجتمع، ولأن كل ما يحدث هو لصالح الانسان الحر، فحرية الانسان تبدأ من وعيه، ومن فكاكه من القيود المجتمعية، ومن قدرته على التغيير بحرية، ومن فهمه لذاته، واصلاحه لنفسه، ومن ارتباطه الوثيق بعبوديته لله دونا عن غيره من الآلهة، وفهم دوره في سياق تغيير التاريخ والمجتمعات.

وللفرد دخلت أول الأمر في شراكة مع Effect Training وتم تصميم برنامج الـ4*4 رحلة الحياة المتوازنة، وهي عن التغيير نحو التوازن في الحياة، وهو برنامج مكون من 4 مراحل للتغيير، كل مرحلة مكونة من 4 محاضرات، لتحقيق التغيير التام في مجال او أكثر من مجالات الحياة بغرض التحرر، وتم تسويق الدورة مرتين، وتخرجت دفعتين والحمد لله، وتمت المشاركة في معسكرات Camp for Change، وفي ندوات في بعض الجامعات، والجمعيات الخيرية.

وبعد عامين من الشراكة في إفكت، قررنا الانفصال، وتركت إفكت لصاحبتها الأصلية كعلامة تجارية، ثم أسسنا الانتصار على النفس Victory on Self مع شريك آخر، لاستمرار طرح برنامج الحياة المتوازنة، مع رؤية أكثر أصولية وأعمق فلسفيا.

مشروع البيجامة لم يقتصر على عيش وملح، والرباط المقدس، والانتصار على النفس، ولكنه أيضا شمل الحديث عن إصلاح الخطاب الديني، وعن إصلاح حال الحركات الاسلامية ودمجها في المجتمع لتقوم بوظائفها دون انفصال عن الواقع المجتمعي، وكذلك الحديث عن الاصلاح المؤسسي، وخاصة في الشركات المتعددة الجنسيات، وعن ادخال الابداع في صلب ثقافة المؤسسات.

وكذلك يوجد تنظيرات فلسفية تم طرحها إما مستقلة أو في سياق الأحداث.. وبفضل الله كانت المدونة دائما منبرا لنشر الفكر الخاص بالبيجامة، والأحداث كانت تخدم أولويات الطرح، وخاصة مع الأحداث الثورية، ومع التغيير الذي يحدث في البلاد.

وبفضل الله، وبجانب ذلك، تم البدء في شركة المحروسة للابداع والتطوير (وهي شركة ذات مسئولية محدودة)، وأحد افرعها المحروسة لتجارة وتصنيع الأثاث (وهي شركة مساهمة مصرية) EX Products وهي متأثرة بعدم وجود مسئول تسويق وأبحث لهذا المنصب عن أحدهم.

في رحلتي مع البيجامة استقلت من عمل ذي مرتب ثابت ودخل ثابت، وبعت سيارتي ومنزلي، والآن أسكن في شقة مؤجرة وأركب سيارة أقل في القيمة، وعزلت من منزلي مرتين، وقبلت عملا في شركة دولية بعقد مؤقت، ثم انتهى العقد بعد تمديده لأكثر من ضعف المدة المتفق عليها، ولكن يوما بعد يوم يثبت لي الله أنني على الطريق السليم، وإن كان الواقع ماديا أقل بمقايسس الدنيا.

فكر مشروع البيجامة ليس فقط من منظور خيرات شخصية أو علم أدعيه عن غيري، ولكنه بحث ميداني تفرغت له، وخلاصة تجربة عمل ميداني مع ناشطين من شتى المجالات لمدة 17 عاما، وتربية فكرية ومنهجية مع مشارب فكرية مختلفة من مشارق الأرض ومغاربها، وما يختلف في البيجامة أنه منهج تجريبي يساعد على جعل المجتمع أفضل وأسعد، فكل ما تم طرحه كانت له حلول منهجية ومجربة على أرض الواقع بعيدا عن النخبوية وبعيدا عن اعادة تصنيع العجلة وتدويرها، وبعيدا عن المسارات المألوفة، مع بحث حثيث عن الأفضل لتطبيقه مع الواقع لتستقيم معه الفطرة الانسانية والمجتمع.

وكانت من ثمراته بفضل الله أن كرمني الله بكتابة مقال ملف العدد في مجلة Momken | ممكن، وكذلك الترشح لعضوية رابطة النهضة و الإصلاح بلا تقدم مني ولا جهد يذكر .. والخير الكثير آت بإذن الله.

الحمد لله حمدا كثيرا مباركا كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه، وأريد أن أشكر زوجتي وأبنائي وأمي وأبي وأخواتي وأزواجهم لأنهم وقفوا بجانبي وآمنوا بما أفعل إذ كذبني الناس، وأعانوني حتى مع اختلافهم معي.

وكذلك من أصدقائي باسم فهمي وأسامة سليمان وسيف التهامي وأحمد فؤاد.

ومن شركاء الطريق هشام حسن ومينا ناجي ورامي صبري ورامي بولس وسمر جميل والمهندسة نجوى رؤوف وخليل المصري ومحمد يسري ووائل متولي، وابراهيم خير الله، ومحمد شوقي الجمال وكريم سرحان وطارق اسماعيل، ومروة الدريني، ورابحة سيف علام، وأحمد أبو الفتوح، وطارق فهيم، وأحمد عمرو.. وغيرهم ممن وثقوا في في مراحل مختلفة ولو اختلفت معهم بسبب الرؤى السياسية أو غيرها.

وكذلك من أساتذتي: الدكتور رفيق حبيب والدكتور عمرو الشوبكي، والدكتور المصطفى حجازي والدكتور سالم عبدالجليل، والمهندس فاضل سليمان والدكتور عمرو الفص، والشيخ المهندس مهاب عثمان والدكتورة هبة رؤوف عزت، والأستاذ السيد طلبة علي، وغيرهم من مشايخي وأساتذتي الذين تعلمت على أيديهم في مراحل مختلفة من الحياة.

وبالطبع أصدقاء الفيس بوك ومحاوريه الذين أعانوا على نشر الأفكار والتعلم المستمر.

الآن مشروع البيجامة على وشك النضج والطرح العام، والتحسن شئ مستمر وديناميكي وأرجو من الجميع النقد الايجابي لبناء الوطن والمجتمع.

وبالطبع ان أسأت أو أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، وما كان صوابا فمن الله وبتوفيقه ومنته.

المراجع:
http://elpijama.net/
http://www.youtube.com/maksharaf
http://about.me/sharaf
http://thesacredbond.com/
http://effecttraining.net/
http://3eishwmal7.org/
http://slideshare.net/maksharaf

البيجامة: أصول العلوم والنهضة


المشكلة عندنا في العلم والثقافة ليست مشكلة الوفرة، ولكن مشكلة أصول هذه العلوم

أصول العلوم التي انبنت عليها الحضارة الإنسانية الحالية، والتي تأخذها المعاهد والمراكز الأكاديمية كمسلمات هي أصل معضل، والمعضل الأكبر هو عدم نقدها من الأصل والعمل على تزيينها وتكميلها أو ترقيعها..

حتى أنبتت، وانبنى عليها عمليات وأدوات مرقعة في مجملها .. لا تتسق مع أصل العلم، وكلما حاولت أن تكمل جانبا ازداد المشهد ترقيعا وإسفافا ..

النظر في أصل العلوم والتصورات هو مهمة مجددي هذه الأمة ..

وفي هذا نجد مدرستين :
– مدرسة تؤسس على نظرة إلحادية للكون تعتمد ثانية على العلم المورث، وتعتمد النظرية الداروينية في الارتقاء لتفسير ارتقاء نظرتها التي تدعي الواعي للكون، وتعتمد أن الانسان هو محور الكون وأنه فيه الذات الإلهية “سبحان الله وتعالى عما يقولون ويصفون”، وليس فيها مثال ثابت وكامل لنموذج الانسان، فتساوي بين الرؤوس، وتستخدم شعارات ممطوطة من المقاصد الانسانية البراقة، وهذه المدرسة معها قدرات رهيبة في الانتشار ومفتوح لها أبواب الشركات الدولية والانفاق الرأسمالي
وحول هذه المدرسة تدور الكثير من المبادرات الأخرى والتصورات المزينة بالدعاية والإعلام

– مدرسة تؤسس على نظرية إيمان بالله، وأن الكون كله وما فيه من نعم الله على الإنسان لخدمة استخلافه، وتستمد أصولها من دين الله والقرآن والسنة، تنظر إلى علاقة الانسان بالله وعبوديته ومهمته في الاستخلاف أنها هي المحور لعلاقات الانسان وأدواره في الأرض وسر سعادته، ونموذجها في الانسانية الكاملة هو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله، وهذه المدرسة بين أصوليين يعملون على “لن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها” وحدثيين يحاولون بناء نموذج حديث ينبني على ذات الأصول ولكن يحل المعضلات المجتمعية والانسانية الموجودة ويستفيد من التراث الانساني الموجود، والحقيقة أن الحل يتكامل بالاثنين معا.

والحقيقة أنه لا يتبنى أحد أي هاتين المدرستين … كلها تعتمد على مجهودات ذاتية والعمل بشكل تطوعي في فضول الأوقات ..

ومعظم المشاريع الموجودة حاليا المحسوبة على التيارات الاسلامية، لم تنظر لأصول الفلسفة والعلوم والعقيدة والتصور لتبني مشاريعها، ولكنها في مجملها عملت على السداد والتقريب في أسلمة الواقع المعاش .. وليس تقديم نموذج لأصول علمية وفلسفية متطورة تنبني عليها حضارة ..

متى نعلم بأهمية العمل على ذلك ؟؟ ومتى نفهم أن هذا وقت العمل الجاد على تقديم أصول جديدة للعلوم تعين على ايجاد حلول حقيقية لمشكلات الحضارة الانسانية الحالية ..

حينها ستبدأ النهضة

الله غالب

البيجامة: تصحيح المفاهيم الاجتماعية

لكي نقوم بنهضة نحتاج لوضع أسس جديدة للمفاهيم الاجتماعية المقلوبة، وهذا لا بد أن يسبب صراعا مجتمعيا آخر بين مفاهيم تعودها وألفها الناس، وهي مفاهيم الماضي، ومفاهيم جديدة تعرفها النهضة، وهي مفاهيم المستقبل ..

ولأن رحلة الانسانية واحدة عبر التاريخ .. فالمفاهيم الجديدة تجد لها أصولا قديمة في نشأتها واستخداماتها، ولكنها اعوجت بجاهليات العصر والقدم، منها ما وضع عليه قداسة فصار غير عمليا، ومنها ما استبدلناه باختزالات جديدة، أو صور معاصرة غير مناسبة للقيام بنهضة حقيقية، ومنها ما تم وضع معاني سلبية عليه فصار مكروها منبوذا من الناس ..

في صراع هذه المفاهيم يتم التأسيس للغة جديدة ونظرة جديدة للعالم، نوع جديد من نظر نقدي يكون بعثا لتغيير العالم ككل ..

فكما أن ارادة النهضة توجه الناس إلى المفاهيم النهضوية ذات المرجعية الاسلامية .. فهناك ارادة جديدة أخرى تحارب لهدم ثوابت المجتمع ودفع الناس دفعا نحو اعتناق المفاهيم الغربية كما هي وذلك للاندماج التام في المنظومة الدولية.. وهي جبهة في حرب اقامة هذه المفاهيم صعبة الممارسة، حيث أنها تؤدي لاستقطاب الأيدي التي من المفترض أن تساعد في النهضة إلى جانب آخر في الصراع .. فتتحول من أيادي بناءة إلى معاول هدم، وما أكثرها ..

ولذلك يجب على من يؤسس هذه المفاهيم أن ينجح في الصراع مع الماضي ومع الاستقطاب المضاد لننجح في ادماج الشعب في النهضة، ولكي تتحقق هذه النهضة بارادة كاملة وتامة للشعب .. ..

البيجامة: الاسلام السيكي ميكي

 

#الاسلام_السيكي_ميكي هو ما جرت عليه العادة المجتمعية وألفه الناس وصار دينا يورث بينهم “أي منهج حياة” لا ينكره أحد ويقره الكل .. ويكون النهي عن هذا المنكر شاذا بين الناس بل وقد يكون الأمر به هو المتعارف عليه .. حيث يصير المنكر معروفا والمعروف منكرا ..

لست أتحدث عن أشخاص أو أعين “فلان” أو “علان”،إنما الحديث عن نموذج الاسلام المعروض الآن بين عموم المسلمين، أتكلم عن عينة عشوائية، موجود منها أمثلة حقيقية تعيش بيننا، أتحدث عن نفسي في مراحل مختلفة من حياتي، تبت عنها وأحاول البقاء على عدم الرجوع لها، أتكلم عن نموذج “الدين” الذي نعيشه ونقره ونقيس عليه “الوسطية”

لو لم ننكره بداءة … لن نغيره ..

وقد بشر رسولنا أن الاسلام بدأ غريبا ويعود غريبا .. نعم يعود غريبا لأننا ألفنا هذه النسخة المعدلة من الاسلام .. حيث توارثناها ووجدنا عليها آبائنا… وظننا أن الله أمرنا بها .. لنظام الحياة .. حتى صرنا نقيس “الوسطية” عليها ..

وفي مثل هذه الغربة هاجم الأنبياء أقوامهم وقالوا لهم : “أفلا تعقلون”؟ “أفلا تذكرون”؟ “إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء” “وتأتون في ناديكم المنكر” “وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون” “وإذا بطشتم بطشتم جبارين” “إن الله لا يصلح عمل المفسدين” “ويل للمطففين” .. وغيرها وغيرها .. واستخدموا مع الترغيب الترهيب … ومع اللين الشدة والغلظة ..

قد لا تتسق هذه الغلظة مع بعض الناس ولكنها معذرة إلى الله، وقد تتسق مع أناس آخرون .. ولكنها مطلوبة ..

وأعوذ بالله أن نعين ونقول على أحد : لست مؤمنا .. ولكن نذكر بحال الكثيرين ممن يسبون علماء يجتهدون لتعليم الناس الدين ويقولون عنهم أنهم يشوهون صورة الدين، فأسأل بنفس مقاييسهم : من يشوه الدين أكثر ؟؟ أفراد يجتهدون في تطبيقه وتعليمه لغيرهم أم مجتمع يقر ويرتضي غيره ؟؟

وذلك لأن المجتمع إذا أصبح لم ينكر المنكر، فلن يغيره ..
واستتبع ذلك حاجة إلى توبة .. واستغفار وعودة إلى الله وانابة ..
وأول مراحل التوبة هي “الاعتراف أن هناك خللا وحاجة للتغيير”
وثانيها هو “الندم على فعلها” وذلك لن يتأتى بالترغيب فقط ولكن يحتاج إلى ترهيب من عواقب الفعال في الدنيا والآخرة .. ليكون شهود الندم وسوء المآل في كل تكرار لهذا الفعل ..
وثالثها هو العزم على الاقلاع عنها .. والعزم بتركها، وتقوية هذا العزم تكون بخلطة الصالحين، واعتزال الفاسدين، وجلاء القلوب بالقرآن وتقوية الأنفس بالذكر والاستغفار والعبادات وعمل الصالحات ..
ورابعها هو آداء الحقوق لأصحابها، وأقله تعليم أبنائنا صحيح الدين وأن نحرص ان نعلمهم أصوله التي لم نتعلمها صغارا .. فلا ننقل لهم عادات وتقاليد ولكن نعلمهم الدين الخالص ..

ولست أتكلم عن الذنوب التي ينكرها الناس بالفعل، ويتوارون وهم يفعلونها ويقومون بها وهم في خجل من الله ومن الناس، والتي ينظر إليها الناس على أنها عار .. لأن هذا رصيد الفطرة .. فخطر الذنوب هو عندما تصبح عادة يألفها الناس، وينسوا أصلها ويمارسوها على أنها عبادة …

أعني أنه ربما يرتكب أحدهم كبيرة كأن يسرق أو يزني أو يرتشي، ويكون خجله من الله وندمه أقرب وأرجى من معصية من الصغائر تهون في عين مجتمع يجاهر بها، ولا ينكرها أحد …

وهناك من الناس من يعترفون بتقصيرهم .. ويمارسون أشكال أو مظاهر من هذا الشكل من الدين الدارج في المجتمع، نسأل الله لها العافية والتوبة وصلاح الحال، وهؤلاء لا خطر عليهم إن صدقوا وآمنوا وأصلحوا، إنما الخطر كل الخطر على الذين يظنون أنه هو الاسلام وبيقيسوا عليه الوسطية وهذا هو مناط الخطر

فكل أمتى معافى إلا المجاهرون … وعندما يجاهر مجتمعا بأعمال تغضب الله .. يكون الخطر على هذا المجتمع شديدا .. إذا لم يقم المصلحون بتنبيه الناس من أخطار هذه المعاصي وهذه المخالفات ..

أقل قدر أن ننكر المنكر .. في سبيل تغييره إن أمكن ذلك …

فلا يخدم هذا الشكل من الدين إلا أعداؤه الذين يودون لو أننا نتخلى عن ممارسته فيما بيننا حتى نتساوى معهم في البعد عن الله ومنهجه، والله لقبول غير المسلمين بنموذج لدين آخر مشوه غير الاسلام هو لمعرفتهم أنهم يستطيعون توظيف هذا الشكل المشوه والممسوخ لصالحهم .. فليس هذا هو الاسلام الذي سينتصر عليهم ..

نسأل الله العفو والعافية وصلاح أمرنا في الدين والدنيا والآخرة .. والثبات على الرشد والغنيمة من كل خير والسلامة من كل شر

البيجامة: بين تنفيذ الحلم الاسلامي وقيام المشروع الاسلامي


انكار حقيقة أن هناك حربا حقيقية بين الاسلام والعلمانية وهو أصيل كمركب أيديولوجي للجديد والقديم، المستقبل والماضي.. انكار لواقع عشناه وتصريحات قيلت ومناهج طرحت ونوقشت وطرحت في حوارات مجتمعية موسعة … بل ومات لأجلها ناس وغيب لأجلها ناس في غياهب السجون .. هو نوع من أنواع التدليس على الواقع وتغييب الوعي العام عن المشهد …

المعركة ليست وليدة الثورة .. بل هي أقدم وأعمق من لحظة خلاف سياسي واختلاف في الرؤى بين شركاء الميدان كما يريد تصويرها الناس .. هي معركة ازاحة منهج علماني استبدادي واستبداله بنموذج حضاري جديد، مستمد من أصولنا الحضارية، من شريعتنا، من قرآننا وسنة نبينا، ما صلحت به أول الأمة سيصلح آخرها .. حركة دوران للتاريخ وصناعة للمستقبل … وللأسف هناك بالفعل من يحاول عرقلة هذه المسيرة ويفرض مسار آخر اجباري إلى الخلف بعد أن صار ما في الخلف خرابا وأطلالا وماض مات وانتهى ..

ينقص هذا النموذج الحضاري مشاركة الكل، ونحن الآن نعيش بالفعل بدايات تنفيذ “الحلم الاسلامي” لأنه حلم يستمد قوته من مرونته، حيث انه يتشكل بفعل المشاركة المجتمعية لحظة بلحظة، ويتغير بفعل الزمان والمكان والمجتمع، وعلى المجتمع الآن المشاركة الحقيقية في بناء هذا الحلم وتحقيقه على أرض الواقع ..

القيادة عليها دور رئيسي في تيسير مسارات العمل، وتخفيف وطأة الباطل والتمهيد لنشر الحق بشكل مؤسسي، ولكن التنفيذ ليس حكرا عليها، وهذا جمال هذا الحلم .. أن دورك أساسي فيه .. دورك رئيسي، لم تعد في مقاعد المتفرجين كما عودك النظام السابق، يجب أن تخرج لرحابة العمل العام للوصول إلى أفضل النتائج ..

ولا زال “النموذج الاسلامي” لم يصل بعد، لأن انضاجه يحتاج إلى سنوات من البناء، نحن نعيش بدايات رؤى وارهاصات نموذج، لن يتمم إلا بعمل حثيث وصبر ومصابرة..

وعندما نتحدث عن المستقبل .. من الناس من يؤمن أن الله ناصره بتمسكه بمنهجه، ومن الناس من يحارب ذلك ويتمسك بما ألفه وبالحسابات المادية والجاهلية وامتيازاتها التي تعود عليها … وبين الفريقين من يتشكك في منهج الله وقد يؤثر أن لا يحدث تغيير كبير ولكن يسير وفق الفريق الرابح..

وهنا تأتي معارك الاستقطاب جميعها على القاعدة الأيديولوجية للصراع .. ويكون تشكيل المستقبل بقوة الايمان التي تنتصر بالثبات على الايمان بالحق المطلق واليقين في الغيب الذي نزل من عند الله ..

ومهما بدت العوائق كبيرة .. فلنا رب أكبر .. طالما تمسكنا بمنهجه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .. وأعلننا انجيازا تاما لهما ..

لن نعود للخلف إن شاء الله .. إلى الأمام ماضون …. مؤمنون غير مبدلين .. وسيرى جيلنا ان شاء الله إن صدق وثبته الله الخير وسيعيش لحظات دوران الحضارات، وسيكتب منتصرا صفحات جديدة في التاريخ ..

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

البيجامة: بين السلطة واللا سلطة


عن طاعة الأمير والحاكم الشرعي نتكلم …

المشكلة الكبيرة التي تغيرت في طبيعة المصريين بعد الثورة المصرية هي عدم القبول بالسلطة، ورفض اعطاء شرعية الأمر والنهي لأي أحد، ولو كان رئيسا منتخبا، وكان هذا أحد الآثار السلبية لمنهجية الثورة التي أطاحت بمبارك، حيث بدأت بشكل فيه شئ من الرعونة، ونزل الناس للثورة بعد أن تم سد كل الطرق التي تساعد على التغيير من النظام السابق، وكان مطلب عزل مبارك متأخرا بعد أن اتضح أنه لا يحكم مصر فعليا منذ عام 2008، ولأن استمراره كان يعني مزيدا من الدماء والاعتقال لكل المعارضين والتنكيل الشامل لكل مساهم في الثورة، وتصفية المعارضين سياسيا، ولذلك بعد أحداث يومي 28 يناير و2 فبراير (الجمل) كان الاصرار غير مسبوق على ترك محمد حسني مبارك لكرسي الحكم.

التيار الاسلامي لم يكن ينقصه العدد قبل ثورة يناير ليقوم بثورة إسلامية شاملة، ولا العتاد ولا العدة، ولكن التغيير الثوري ضد حاكم يقيم الصلاة ضد منهجية الاسلام كما يفهمها الاسلاميون، ويعتبر عندهم خروج على الحاكم، ولم يكن ينتهج منهجية الخروج على الحكام العرب والمسلمين إلا بعض التيارات التي توارت في سجونهم كبعض أتباع التيارات الجهادية (وليس كلها) والتكفير والهجرة، أما التيارات السلفية الأخرى والاخوان المسلمين فكانوا لا يخرجون على الحاكم بالسلاح ولا يطالبون بعزله، ولكن يقومون الحاكم بنشر القيم الاسلامية، ومناصحته، واظهار ظلمه وتقويمه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر الاستطاعة وبالأساليب السلمية، وذلك للحاكم والمحكوم، والبدء بالنفس لاصلاحها والمجتمع القريب أولا، وكانوا يدفعون ثمنا لذلك سنين من عمرهم في السجون والمعتقلات.

ومنهجهم في ذلك منهج الأنبياء في التعامل مع الحكام والملوك ولو كانوا على دين الكفر، وكذلك كان ابراهيم مع النمرود، ويوسف مع العزيز، وموسى مع فرعون، لا منازعة على الملك، ولكن انتصار للمبادئ، ولو كلف ذلك المال والنفس والتغريب والسجن والنفي، واتباع المنهج الاصلاحي الأصولي القيمي الذي يجمع بين الثورة على عادات وقيم المجتمع والسلمية.

وللأسف بعد ترك مبارك للحكم انتقل الحكم بالشرعية الشعبية للمجلس العسكري كحاكم انتقالي للبلاد، ثم تم تحديد مسار انتقال ديمقراطي (مع العلم أن معظم الاسلاميين يؤمنون أن الديمقراطية شرك وكفر) لتحديد نظام الحكم القادم، وللعلم، معظم الاسلاميين كانوا سيقبلون بأي حاكم تأتي به الصناديق ولو كان أحمد شفيق (مع نظر البعض أمثالي أنه لم يكن ليكون شرعيا لأنه عزل شعبيا وفرض ببلطجة القضاء وكان يجب عزله عن عملية الانتخابات).

وفي خلال هذه الفترة كان الثوار يمارسون نوعا من حماية الثورة ومكتسباتها بالفعل الثوري في الشارع، وذلك للحفاظ على مسار الثورة، ولم تكن هناك قيادة محددة تقود هذا الفعل الثوري، مما أدى إلى ظهور بعض اللاسلطويين (يسمون الأناركيين او الفوضويين) في المشهد، من يعتقد أن البلاد من الممكن أن تظل في حالة ثورية طوال الوقت، وأعجبهم الوضع بلا سلطة، ولا محددات للحرية ولا أمر ولا نهي.

بالطبع هذه الفئة من الشباب (معظمهم صغير في السن حول العشرينيات) لم يفهم جيدا العالم الواقعي، وأنه في عالم الواقع يحتاج الناس للاصطفاف حول قيادة شرعية ولو لم تكن متميزة أو الأفضل لتحقيق نتائج تنفيذية على الأرض، وأن وضع الفوضى لا يؤدي إلا إلى حالة من حالات السيولة التي تضر بمقدرات البلاد ومصالح العباد، واستغل ذلك أصحاب المصالح لتحريكهم واثارتهم للعمل على تحقيق ارادتهم وشق الصف الثوري.

بينما في نفس الوقت كانت التيارات الاسلامية تشارك على مضض في الفعل الثوري بمليونيات مدروسة لا يتم فيه المغامرة بدم لحرمة الدماء عند الله، وامتنعت من الدخول في معتركات غير محسوبة كأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وأحداث العباسية، والتزمت بالشرعية التي مناطها المجلس العسكري، بالرغم من أنهم كانوا الأشد تنكيلا لهم “المخابرات الحربية والجهات الأمنية” والأشد عداوة لهم، حتى وصفوا أنهم في صفقة مع العسكر، وأنهم خانوا وباعوا الثورة.

(مع العلم أن الكثير من شباب التيار الاسلامي الحر (بعيدا عن الكيانات الكبيرة كان فاعلا رئيسيا في هذه الأحداث – خاصة محمد محمود والعباسية) نظرا لطبيعة المرحلة الانتقالية وحتى لا يتم تثبيت الحكم للعسكر، ويتم التحول كما هو الاتفاق (استفتاء مارس 2011).

ومع ذلك لم يمنعهم ذلك من النزول لحماية شرعية الرئيس عندما تهددت، لأنهم يعلمون أنه رئيس منتخب، وأن طاعته واجبة، وذلك في ظل تقاعس الجيش والشرطة عن حمايته، ولأنه بالفعل استنجد بهم في لحظات حرجة، والواضح جدا بلطجة الدولة عليه بمؤسساتها وإعلامها ونخبها.

لا أتحرج أن أقول، أن عقيدتنا الإسلامية تؤمن أن الأمير له السمع والطاعة، وأن للثورة مجالات قيمية هامة، وأن من حق الأمير على الرعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسلم، وأننا من الممكن أن نسجن أو نعذب أو نموت في سبيل هذه القيم، ومع ذلك نفدي الأمير “ما أطاع الله فينا وما كان حاكما شرعيا” بدمائنا وأرواحنا فداءا لاسقرار البلاد وترسيخا لمفهوم “السلطة” التي هي جزء أصيل من فكرنا وعقيدتنا.

وأن أي فعل فيه نوع من الاغتصاب للسلطة بغير حق أو وجه باستغلال الفوضويين، سيقابل بثورة إسلامية شاملة كاملة لاقامة دولة “لا إله إلا الله” بمرسي أو غيره ممن تتم له البيعة، فإن كفر بالديموقراطية مدعوها والداعين لها، فلا تلوموا من يكفر بها أصلا أن يقيم السلطة على ما يرى من أصول منهجه.

وما يأتي هي أدلة أصولية منقولة من مصادرها لفهم أصول السمع والطاعة والسلطوية التي نفهمها، وليس من أيها أي دليل يؤيد خروج الخارجين على محمد مرسي والمطالبين بعزله، بل تؤيد تماما المؤيدين له أن يبذلوا الغالي والنفيس لاحداث استقرار بهذا الوطن والعبور لسفينة النجاة، مع تحميل هذا الرئيس أو الحاكم الشرعي مسئولية اكبر في اقامة شرع الله وتحكيم كتابه الكريم.

1- قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [ سورة النساء الآية: 59 . ] .

قال شيخ الإسلام – رحمه الله – ” نزلت هذه الآية في الرعية من الجيوش وغيرهم ، عليهم أن يطيعوا ولاة الأمر الفاعلين في ذلك في قسمهم ، ومغازيهم ، وغير ذلك ، إلا أن يأمروا بمعصية الله ، فإذا أمروا بمعصية ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ” [ ابن تيمية مجموع الفتاوى ، ص 28 ، 246 . ] .

وقد ورد العديد من الأحاديث الشريفة التي تبين أن طاعة ولاة الأمر لازمة ، وهي فريضة في المعروف ، ومن هذه الأحاديث ما يلي:

1- عن عُبَادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعنا ، وكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة ، في مكرهنا ومنشطنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وألا ننازع الأمرَ ، قال : ” أن تروا كفرا بواحا ، عندكم فيه من الله بُرْهان [ رواه البخاري ومسلم . ] .

2- وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني [ رواه البخاري ومسلم . ] .

3- وعن ابن عمر – رضي الله عنه – قال: عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة [ رواه البخاري ومسلم . ] .

4- وعن أنس – رضي الله عنه – قال: ” قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كان رأسه زبيبة [ رواه البخاري ومسلم . ] .

5- وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم: أنه قال: من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة ، فمات ، مات مِيْتَة جاهلية ، ومن قاتل تحت راية عميّة ، بغضب لعصبية ، أو يدعو لعصبية ، أو ينصر عصبية ، فقتلته جاهلية ، ومن خرج على أمتي يضربها بَرها وفاجرها ولا يتحاشى عن مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه [ رواه البخاري ومسلم . ] .

6 – وعن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: الغزو غزوان: فأما من ابتغى به وجه الله ، وأطاع الإمام وأنفق الكريمة ، وياسر الشريك ، فإن نومه ونبهته ، أجر كله ، وأما من غزا فَخْرا ، ورياءَ وعصى الإمام وأفسد في الأرض ، فإنه لم يرجع بالكفاف [ رواه مالك وأبو داود والنسائي . ] .

7- وفي حديث الحارث الأشعري الذي رواه الأمام أحمد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: وأنا آمركم بخمس ، الله أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد ، والهجرة ، والجماعة ، فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه [ رواه الإمام أحمد والترمذي . ] .

8- وعن أبي بكرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم – السلطان ظل الله في الأرض ، فمن أكرمه أكرمه الله ، ومن أهانه أهانه الله [ رواه الطبراني والبيهقي . ] .

9- وعن أم حصين قالت: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: إنْ أمرَ عليكم عبدٌ مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا [ رواه مسلم وأحمد وغيرهما . ] .

10- وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه ، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية . [ رواه ابن حبان والحاكم . ] .

11- وعن فضالة بن عبيد – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا [ رواه ابن حيان والحاكم . ] .

12- وعن وائل بن حجر – رضي الله عنه – قال: قلنا يا رسول الله: أرأيت إنْ كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم؟ فقال: ” اسمعوا وأطيعوا ، فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتُم [ رواه مسلم . ] .

اللهم اهدنا للحق وبالحق، وفهمنا ويسر سبلنا، ووفق قادتنا، وانزع الغل من قلوبنا، وتوفنا مسلمين غير مبدلين.