البيجامة: فاصنع ما شئت

منذ أن كنت صغيرا كان فضولي يتجاوز عالم الأفكار إلى عالم العلاقات وارتباط العلاقات الانسانية والمجتمعية بانتشار أفكار معينة، ومنها أتفهم وجود سلوكيات معينة ناتجة عن تشكيل وعي جمعي نشأ عن هذه العلاقات وهذه الأفكار ..

بالطبع .. لم أكن أستطيع تنظير هذا الفضول أو شرحه كما شرحته سابقا إلى أن عرفت أن هناك علم الاجتماع الذي يؤصل هذا العلم .. ومن أفضل من قرأت لهم في الحضارة حقيقة هو “المهندس” مالك بن نبي، وكذلك بعد ان تعلمت من الباحث في علم النفس المجتمعي والسياسي الدكتور رفيق حبيب ..

المهم … لماذا هذه المقدمة؟؟
يقف أمامي الحديث : “إذا لم تستح فاصنع ما شئت” – وهو من الأحاديث التي أضعها في التعريف الخاص بي على الفيس بوك منذ أن أنشأت حسابي لأنه قد وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه “من كلام النبوة الأولى” – كحديث معجز في ذاته وفي وصفه وفي دلالاته والحكمة التي فيه ..

فالحديث لا يصف فقط خلق الحياء أنك لو استحييت ممن هم حولك فلن تقوم بالسئ فقط ..
بل هو يؤكد أن في حالة انتفاء خلق الحياء يقوم الانسان بما شاء .. فهو على معنيين ..

وفي المجتمعات وعالم العلاقات .. لو كان أوساط الناس ومعتادهم المعصية .. انتشرت وسطهم المعصية وقام بها الانسان بلا تحرج ممن حوله ..

فلو كان الطبيعي أن الصديقات غير محجبات .. كان عدم الحجاب سهلا .. أو التخفف من الحجاب سلسا .. بل أن الحجاب نفسه قد يكون نوعا من الفضل في مثل هذا الوسط ..
لو كان الطبيعي وسط الصحبة السباب والفحش من القول .. كان من غير الطبيعي عدم استخدام هذه الألفاظ في الحديث .. بل أن الكلام بدون فحش يصير فضلا ويعتبره البعض تعاليا .. والكلام بصوت خفيض وقدر الكلام يصير نوع من الكبر أو الاستعلاء أو قلة في الرجولة .. فيصير الحياء من عدم استخدام هذه الألفاظ أولى ..
ولو كان الوسط طبيعي فيه ارتداء الثوب وغطاء الرأس واطلاق اللحية .. صار اللباس العادي من بناطيل الجينز والتي شيرت وعدم تغطية الرأس وحلق اللحية نوع من العزلة الشعورية ويستحيي المرأ ممن حوله ..
ونجد كذلك أن هناك من يدخنون بنفس هذا المنطق .. حيث أن من يعرضون عليهم المشاركة في الدخان يمثلون ضغطا اجتماعيا .. كبيرا .. وكذلك المخدرات أولى خطواتها تأتي من مثل هذا الضغط .. الخجل أن يكون هو وحده الذي لم يجرب وسط “أقرانه”

فصار في ذهني هذا الحديث كدلالة على الضغط الاجتماعي في معنى ثالث عن المعنيين السابقين ..

وكتجربة شخصية فالسلوك يختلف من صحبة لأخرى .. حيث أن الصحبة التي تعلي من شأن العلم تحمل المرء لكي يعمل على طلبه والوصول للمعالي فيه .. ويصير الحياء هو التكلم بجهل .. والصحبة التي لا تعلي من شأن صلاة الجماعة وتهجر المساجد .. تجد الحياء معهم هو أن تتفرد بصلاة الجماعة وقطع الجلسة معهم لتدركها في المسجد بحجة أنك ستصلي معهم وقت أن يقرروا أن الصلاة جاء وقتها .. وكذلك تحديد حدود الاخنلاط وما هو مباح وممكن مما هو غير ذلك من مجموعة إلى أخرى .. وهكذا ..

ولذلك فالصحبة أو الأقران هم من يحدد من أنت .. وما هي حدودك وما هو ما تستحيي منه وما تعتاده .. حدودك هي ما تعتاده في صحبتك ..

ولذلك تحرص الجاهليات والوثنيات والأفكار الضالة على صيانة علاقاتهم الاجتماعية ونشر أفكارهم من خلال أنديتهم وجمعياتهم وأحزابهم ومؤسساتهم وشبكات مصالحهم .. وتجد أن ضعاف الايمان لا يقدرون على قطع علاقاتهم وتغيير أفكارهم لوجود مصالح مباشرة ستنقطع بمجرد تغيير الأفكار .. لأن هناك خوف من تغيير الأفكار في هذا الوسط وهو ليس حياء فطري مقبول بل خشية مشبوهة من انقطاع الأسباب بتغيير القناعات .. فعبر الله عنها بلفظ الاستخفاء “”يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ” سورة النساء وذلك لأنه عكس الفطرة السوية ..

وإذا قوي الايمان عند المرء صار الحياء من الله أقوى .. فصارت الهجرة من الذنوب والمعاصي هي الهجرة…. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم” لا هجرة بعد الفتح؛ لكن جهاد ونية ” متفق عليه. ولذلك فعلى من يتوب إلى الله أن يحذر صحبته ويناصحها ويأخذ على يدي الناس حتى يرجعوا .. مع التواجد في صحبة أفضل لا تأتي هذه الذنوب والمعاصي والمخالفات ..

ولذلك فالصحبة والأقران والعلاقات يجب أن تكون كلها في الله ولله .. فقد قال تعالى فيمن كان قبلنا : ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ [ المائدة ].
النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي، نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، قال يزيد: وأحسبه قال في أسواقهم، وواكلوهم، وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ﴾ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً، فجلس، فقال: «لا، والذي نفسي بيده، حتى تأطروهم على الحق أطراً»

وفي حديث آخر قال رسول الله : «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل، فيقول: يا هذا، اتقِ الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله، وشريبه، وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: ]لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﴾ إلى قوله ]فاسقون[، ثم قال: «كلا والله، لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهوُنَّ عن المنكر، ولتأخذُنَّ على يد الظالم، ولتأطرنَّهُ على الحق أطراً، أو تقصرُنَّه على الحق قصراً»

ولذلك فعلى الناس ملازمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحماية فطرتك وحياؤك، وملازمة جماعة الخير والمؤمنين التي تقبل ذلك، تأتمر إذا أُمرَت وتنتهي إذا نُهيَت، لا تستكبر أن يتناصح فيها الناس مع اختلاف مراتبهم.

ولذلك فالمرجعية في الحياء هي الحياء من الله، وهي كما وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال “استحيوا من الله حق الحياء “فقلنا يا نبي الله إنا لنستحيي قال:” ليس ذلك ولكن من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ومن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء” هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (المستدرك على الصحيحين) ويترجم ذلك الصالحون من عصرنا ومجتمعاتهم وما يقبلونه من طيب ويوافق الشرع فهو طيب وما يستقبحونه وليس من الشرع فهو القبيح : عَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْصِنِي ، قَالَ : أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ .

يقول الراغب الأصفهاني رحمه الله :
“حق الإنسان إذا همَّ بقبيح أن يتصور أجل من في نفسه حتى كأنه يراه ، فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ، ولذلك لا يستحي من الحيوان ، ولا من الأطفال ، ولا من الذين لا يميزون ، ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ، ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد. ”

وفي ذلك قال ابن القيم ..

فرحك بالذنب
اشد على الله من الذنب
………………..
وضحكك وانت تقوم بالذنب
اشد عند الله من الذنب
…………………
وحزنك على فوات الذنب اذا فاتك
اشد عند الله من الذنب
………………
وحزنك على فوات المعصية
اثـــــقل من المعصية ذاتها فى الميزان
……………………..
وحرصك ان تستر نفسك وانت تقوم بالذنب
اشد عند الله من الذنب الف الف مرة
……………………….
أتخاف الناس ؟..أتستحي من الناس ؟؟..ولا تستحي من ربك؟؟؟؟؟

ولذلك يمثل الحديث ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) رواه البخاري، قيمة عليا يعيش في معيتها الانسان المسلم تصونه فيها العلاقات مع المؤمنين ونشر الأفكار الموافقة لأصول الدين لحماية فطرته .. وانتشار الأمر بالمعروف النهي عن المنكر كصيانة لهذا المجتمع .. ونشر الدعوة للتوسع فيه وتشبيك المجتمع الانساني في هذه المعاني الكبرى لتحقيق غاية الله منه ..

اللهم تب علينا لنتوب .. توفنا مسلمين واحشرنا مع الصالحين

ممكن : بين 2 – العدد الرابع


بَيْن 2

~ ممكن – عدد 4 – ديسمبر 2012

تركيبة الإنسان عجيبة؛ فكل إنسان ناتج من عدة عواملَ مُنشئة لوجوده وتكوينه الذي تراه عليه. فهو نتاج لتلاقي نُطفةِ ذكَرٍ مع بُويضة أُنثى، بشريطيهما الچيني، في ظل تركيبة نفسية معينة للاثنين وقتَ التلاقي، ووقت الحمل والرضاعة، وميقات مُعيَّن للنشأةِ والتطوُّر والولادة، بمُحددات زمانٍ ومكانٍ، تجعل لكلِّ واحدٍ من البشر بصمةً مختلفةً تنصبغ على خلاياه، وصفاته، وشكله، وطباعه، حتى ضروسه وأسنانه ولحمه وعظامه، في عملية متكررة نشاهدها؛ اسمها الولادة.

ولكلِّ فردٍ تمتْ ولادتُه نصيبٌ من اسمه الذي اختاره له والداه، ومن لغة المنزل، ولغة المجتمع من حوله، ومن الْمُدْخَلَات الثقافية والتربوية والاجتماعية التي يشاهدها في محيطه الشخصي.

ثم يكون لكل إنسانٍ تلقَّى تعليمًا نصيبًا من تفاعُلاته مع زملائه في رحلة التعليم والتربية، وتفاعله مع معلميه، ومدرسته أو جامعته أو حتى مسجده وناديه، كل يسهم في مأسسة الشخص الكائن الماثل أمام المجتمع.

ثم تُفَعَّل الطِباعُ، وإظهار أحسنها وأحلاها يكون بحَسَبَ قبولِ الصُّحبة للشخصِ، فيظهر من نفسه أفضل ما يريدون رؤيته، ويتخلق ويهذب نفسه للقبول وسط مجتمع الأصحاب والخِلَّان.
ويتخرج ليجد أن المجتمع يطلب منه أن يكون على غير ما هو عليه، ليستطيع أن يكون له دخل ويدر أجرًا، وعليه أن يلبس رداء أهل صنعته وحرفته، وإلا فلا طعام ولا زواج ولا دابة ولا سكن، فيرتدي رداء الجدية، ويتكلم بلسانِ الأهليةِ، ويبيع نفسه على أعتاب سوق الرجال، يطرق أبواب القبول، ويتطلع للوصول، فيكسب القرش وراءه الجنيه، فالألف الأولى، فأول سيارة، فأول شقة، فأول زوجة، وهكذا تَسير معه الحياة، يتقمص المهنة الجديدة ويعرف نفسه بشهاداته ومقاماته، فهو إما الدكتور فلان، أو المهندس علان، أو الأستاذ، أو مستر كما يَليق به كمسوق شهير، أو مدير.

وقد تُداعبه رغباته واحتياجاته للاستماع إلى الموسيقى، فيطرب لفرقة ما، أو مغنٍّ، أو مغنية، ويتذوق لونًا من ألوان الفن، فيَهوى نوعًا من الأفلام، أو يتابع فنانًا من الفنانين أو مجموعة، ويُتابع لعبةً من ألعابِ الرياضة، فيَختار أقربَ الفِرق جدارةً لتَحظى بتشجيعِه دون سواها، فيتمثَّل له مِن كُلِّ هؤلاء طبائع تلك الفرق والفنانين والرياضيين، ويتقرب إلى مجموعات التأييد بتقليد شيءٍ من التقاليد المتعارَف عليها بين الجماهير والمتابعين والمهاويس، ويُنزل نفسه منزلة يختارها بينهم.

وقد يكون لدين الآباء حظٌّ من شخصيتِه، فله نسكٌ ينسكه، وشعائرُ يُعظمها، تنهل من وقته وجهده وماله؛ حتى يستمر على جادة الآخرة من أمْرِه، فهو إما مصدِّق بها عامل لها، أو مُكذِّب بها مُعرِض عنها.
كل ما سبق وغيره، هو يشكل الكائن المسمَّى الإنسان.

ولكل إنسان حق في إظهار ما يُحب من كينونته، يختار لنفسه في كل لحظة اختيارًا، ومن لحظة إلى أخرى تصنع اختياراته كينونته، التي هي هُويته.

فمحمد، اسمه على اسم نبي دينه – صلى الله عليه وسلم -، اختار – في سبيل اعتراضه على قرار حَكَم في مباراة تجمع بين فريقه المفضل وغريمه التقليدي – أن يَسُبَّ ذلك الدين.

ومحمد آخر، يحمل نفس الاسم في نفس وقت المباراة وفي نفس المدينة، وهو من نفس الجيل ونفس الحي السَّكَنِيِّ لمحمد الأول، اختار أن يكون وسطَ غلمان من أهل منطقته، يُحفِّظهم كتاب الله ويُعلمهم سُنة نبيه – صلى الله عليه وسلم -.

لحظة بلحظة، يتشكل محمد الأول، وتتم صناعة محمد الثاني.
وفاطمة، فتاة جامعية، اختارت أن تحتسي القهوة مع أصدقائها “شيكو” و”ديجا” و”سنسن”، وهي الشهيرة بـ”فوفو”، في مقهى شهير بتجمعات الشباب، وهي تحب مشاركة أصدقائها في معظم اهتماماتها، حتى إنها تأخذ رأيهم في ملابسها وفي طريقة كلامها، وفي اختيارها للحفلات التي تحضرها، أصدقاء “فوفو” يعرفون جيدًا موسيقاها المفضلة، والألوان التي تليق عليها.

بينما فاطمة الأخرى، في نفس المرحلة العُمرية، تجتمع مع صويحباتها “سيمو”، و”نونا”، و”باكي”، ليذهبن لقضاء الوقت في جمعية خيرية تقوم برعاية الأيتام، فيقضين جُلَّ وقتهن في رعاية اليتيمات وتعليمهن، والتعامل معهن، كسبيل لكفالتهن كأخوات كبيرات، ويجدن مُتعةً كبيرةً في ذلك.
فاطمة الأولى اختارتْ أن تكونَ فوفو، بينما فاطمة الثانية اختارت أن تكون مع رسولها – صلى الله عليه وسلم – الذي قال: “أنا وكافلُ اليتيم في الجنة هكذا”. وأشار بالسبابة والوُسطى وفرَّج بينهما شيئًا، رواه البخاري.

تامر، مهندس اتصالات، يعمل في شركة دولية مسؤول تسويق، اختار أن ينتهي من عمله، فيجلس على المقهى مع أصدقائه كل ليلة، فيتكلموا عن الكرة والفن والسياسة، ولا مانع من بعض النكات الجنسية لتسليةِ الجلسةِ، ويفرغ ليلة واحدة لزوجته لقضاء وقت معها والأبناء.

تامر الآخر، مهندس اتصالات أيضًا، يَعمل في نفس الشركة، يقضي كل يوم وقتًا مع زوجته وأولاده ولو يسيرًا بعد الرجوع من العمل، وينطلق لمشروعه الخاصِّ، وهو مشروع خيريٌّ، الغرضُ منه تنمية المناطقِ الْمُهمَّشةِ في الدولة، ورفْع الوعي فيها؛ إذ هي أقل حظًّا في التعليم والتثقيف من غيرها، فيَقضي وقتَه وجُهْدَه ثم يَرجع ليَستريحَ وينامَ.

تامر الأول اختار أن يعيش على قهوة ليُنَمِّي رصيدَ القهوجي، بينما تامر الآخر اختار أن ينمي وعيًا ويُشكلَ فِكرًا لوطنه.
محمدان وفاطمتان وتامران، كلٌّ يتشكل حَسَبَ ما يَعتقد، ولكلٍّ منهم حُرية الاختيار في كل لحظة وكل نفس، ولكنْ شتَّان بين أولهما وثانيهما.
كلٌّ من هذه الأمثلة تبحث عن كِيان يَرضى عنها، كيانٍ يَضع لها القبولَ، كِيان لو قال إنه راضٍ؛ انفرجت الدنيا وتهللت أساريرهم، وهانت عليهم كل صعاب المعيشة.

وهكذا الإنسان يبحث دائمًا عن شيءٍ يَعتمده ويَرضى عنه، وكأنه يُمارس الذُّلَّ طوعًا لتكتملَ إنسانيتُه ويَستشعر مَاهِيَّتَه، ففي ذات الإنسان وما جُبِلَ عليه هو العبودية، فقد خُلِقَ عبدًا، ولكنه حُرٌّ ليختار ربَّه وسيدَه.
نشأتِ اللحظة الأولى في تأسيس هذه العبودية في مشهدٍ قديمٍ في لا وعي كلٍّ منَّا، عندما كنا في عالم الذَّرِّ، وشَهِدْنا جميعًا عندما سُئِلْنا من سيدنا الأول – رب العزة جل وعلا – (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)، وقلنا جميعًا إذْ بَعَثَنَا اللهُ وأحْيَانَا قبل مماتِنا (بَلَى شَهِدْنَا) [الأعراف: 172]، شهدنا أن خالِقَنا هو ربُّنا واخترنا الذُّلَّ له لا لغيرِه، ومع ذلك تَرَكَ لنا في كل لحظة وكل نفَس كاملَ الحريةِ أن نَذَلَّ له أو لغيره، ولم يَـرْضَ لنفسه شريكًا من عباده، وطلب من جميع عباده أن يُسْلِمُوا له؛ كي يُذِلَّ لهم كلَّ ما خَلَقَ لهم، ولكي يُسَخِّرَ لهم كلَّ ما حولهم مما خَلَقَ في السماوات والأرض، فمنْ شِيَمِ العبدِ أن يَرتقيَ فضلًا بفضل سيده، وتعلو مَرتبتُه وسِعره في عالم العبيدِ حَسَبَ أيِّ سيد يخدم ولأي سيد يَذَلُّ.

ولن نَستشعرَ يومًا حقيقةَ ذواتنا وهُويتنا ونعتز بها، إلا إذا اتَّسقتْ مع أصلها وفطرتها، وحين يكون دَيْدننا هو: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162-163].

اللهم توفَّنا مُسلمين، وألحقْنا بالصالحين.

عرض : كن عونا – للعمل التطوعي

البيجامة: عن الحكم برجوع النائب العام

لا أراها صدفة أن يخرج علينا من يطالب النائب العام بالاستقالة في نفس يوم الحكم القضائي المنافي لكل قواعد القضاء والدستور في نفس يوم الهجمة المستعرة على النائب العام في الاعلام .. بعد صدور قرارات ضبط واحضار كتاكيت المعارضة المفسدين في الارض المحرضين على المواجهة والقتل والحرق ..
الحرب على استغلال الدولة والقانون لمواجهة المفسدين .. وبقاء مصر في حلقة مفرغة من الفتن المتلاحقة ..
ارى ان الحل في يد الشعب بالتحرك الواعي لدعم قرارات النائب العام والرئيس ..
سلم يا رب سلم ..

البيجامة: شاهد على تطور الاخوان بعد الثورة

لمن يقول أن الاخوان لا يستمعون ويتعاملون بكبر مع غيرهم …

التعامل مع الكيانات الكبيرة ليس كالتعامل مع شخص أو جمعية أو مؤسسة من 10 أشخاص .. أنا مراقب للجماعة عن قرب .. وأرى انهم عدلوا الكثير من المسارات والطرق والسلوكيات والتنظيم الداخلي من أول الثورة .. مع مراعاة حجمهم .. يتطورون ولكن ببطئ .. وليس هناك أي كبر كما يدعي الكثيرون .. بل البطء في التحول بسبب كبر التنظيم وثقل حركته وحساباته الكثيرة ودورات الشورى بداخله .. وبيروقراطيته المعلومة للجميع ..

الكبر من كل ناصح أمين أن يعتقد أنه الوحيد الناصح الأمين والأحق أن يستمعوا لك ويحتكموا لرأيه .. بل الأمانة تقتضي أن تظل معهم حتى يعدلوا في وعيهم ثم سلوكهم الجمعي .. وهذا هو مسئولية التغيير ..

وكأمثلة من أمثلة التغيير الذي حدث لهم :
1- التحول من الشكل الهرمي التنظيمي إلى الشكل العنقودي في أغلب مؤسساتهم وأعمالهم ومن المركزية الصرفة للامركزية وذلك في تنظيمهم المؤسسي الجديد ولكن لم يتم بعد افراز القيادات القادرة على العمل اللا مركزي .. وهي أزمة في القيادة تحتاج إلى عمل
2- الحوار المجتمعي والعمل المنفتح بدلا من المنغلق .. وذلك واضح في آخر عام ويتطور
3- الفصل الاداري للدعوي عن السياسي .. والتربوي عن الحركي ..  (وذلك اداريا فقط وليس فعليا لأن الأخ يعمل في الأربعة أطر)
4- التشبيك المجتمعي مع الدوائر الأقرب فالأبعد ..

5- تعديل اللائحة لتسمح للإخوات بإنتخاب من يمثلهن ويصبح لهن هيكل موازي في كل شعبة (مع العلم أن تنظيم الأخوات أو المرأة تمثل عدد النصف تماما في جماعة الاخوان)
6- تصدير بعض الشباب في مناصب مفصلية في الجماعة

وهذه بوادر إيجابية .. وإن كان الوعي والسلوك الجمعي سيأخذ وقته لاحداث تغيير قاعدي .. ومن ثم نشر آثار هذا التغيير عند الناس ..

ويظل السؤال … ماذا تغير في غيرهم ؟؟ وكيف يفيد ذلك الوطن ؟؟

البيجامة: المثالية العدمية

حبايبنا اللي لسه على الحياد ومش عاجبهم دول ولا دول .. عارفين المشكلة فين .. ؟؟ في الperfectionism .. أو في مثاليتكم الزائدة .. واللي ممكن تكون “كبر” في حد ذاتها…
الناس متخيلة ان أهل الحق لازم يبقوا زي اللي في دماغهم وعلى مقاس تفكيرهم وأولوياتهم زيهم بالضبط .. وبنفس ثقافتهم على الأقل أو أحسن .. بينما الحقيقة بتبقى أن أهل الحق غالبا بيبقوا أبسط ناس ولكن أكثرهم حبا وتذكيرا بالله ..
بالطريقة ده .. حاتستنوا كثير عالحياد .. ومش حاتنصروا الحق .. وحاتعيشوا وتموتوا وأنتم ما بلليتوش رجليكم ولا وسختم هدومكم في سبيل الله علشان مش عاجبكم أن أهل الحق مش على مقاس تفكيركم وتوقعاتكم .. !!!

البيجامة : النموذج السلوكي الكامل

الآن من أولى الأوليات ربط الشباب بالنموذج السلوكي لخير البرية محمد صلى الله عليه وسلم ..
فالركن الأول من الشهادة .. “أشهد أن لا إله إلا الله” نفي الآلهة واثبات ألوهية الله عز وجل … وتمثلت في اقرار شرعه والسعي لتمكين دينه ..

والركن الثاني من الشهادة .. “وأشهد أن محمدا رسول الله” .. وهي اقرار لصلة السماء بالأرض من خلال النبوة.. واقرار اصطفاء الله لرسله وأنبياءه . واقرار أن خاتمهم ومتمم رسالتهم هو محمد صلى الله عليه وسلم .. نموذج الكمال الانساني .. والمراد الإلهي من البشر .. الذي قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ..

قول الله تعالى في كتابه الكريم موضحا جوهر رسالة رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]
﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [الفتح: 28]
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]

فالآن .. بجانب رصيد التعلق الوجداني الطبيعي الموجود عند الناس تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم .. علينا أن نبسط للناس سنته صلى الله عليه وسلم، بطريقة تطبيقية سلسلة وسهلة .. فكل سنته صلى الله عليه وسلم هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها … ورصيد الفطرة لا زال موجودا بالرغم من التجريف الذي تم في جاهلية هذا العصر …

على الدعاة وعلماء النفس والتربية والتدريب أن يعملوا بجد لتبسيط نموذج الكمال الانساني الممثل للنبي صلى الله عليه وسلم.. وتقديمه بأساليب حديثة .. وليس فقط بعرضها في دروس المساجد، وبناء نماذج معرفية وأصول علوم التنمية البشرية من منظور السنة وجعل المستهدف من الحكمة في مواقف الناس كلها .. هو الحكمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ..

فليكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدنا حقا … ليسقينا جميعا على الحوض من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا …

البيجامة: فتن تسبق خروج الدجال

كل الأحداث تشهد أن الأرض تتمهد لقدوم … أعور دجال ..
وسيُهزم وأتباعه .. ويقوم الدين من جديد ..
الثبات يا حاملي راية الدين والشريعة .. فالنصر مع الثبات على الحق ..
اللهم إننا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن .. ونعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات ومن فتنة المسيح الدجال ..

1- فتنة الدهماء بوضوح في مصر والدول الاسلامية عامة “الديمقراطية والفوضى”
2- فتنة وجهاد الشام  متزامن مع آخر باليمن
3- احتلال بني إسرائيل لجوار بيت المقدس “فلسطين” وتعليتهم للمستوطنات، واستعلاؤهم في الأرض
4- رعاء الشاة يتطاولون في البنيان
5- انتشار الهرج
6- الاسلام متضعف والمسلمون كغثاء السيل
7- انتظار العالم لمخلص أوحد، وخاصة في ظل بداية انهيار القوة العظمى الأولى أمريكا
8- بداية ارهاصات تسليم الراية للكيان الصهيوني “باعلان أوباما القدس عاصمة أبدية للكيان”
9- بداية انتصار الاسلام في عدة مواطن وبداية ارهاصات عودة دولة الخلافة وتهديدها لأمن اسرائيل
10- الاعلام !!
11- الردة التي بدأت في الانتشار وانقسام الناس لفسطاطي إيمان من ناحية ونفاق وكفر من الناحية الأخرى

كل هذه فتن سابقة لخروج الدجال ..
اللهم سلم سلم …

البيجامة: لتكن رجل المرحلة

العاملون البناءون الزراع الحقيقيون ورعاة قيام الحضارات في الأمم لا يحتاجون إلى دعوات لصناعة مستقبل أمتهم ..
حالة الاحباط واللا فعل والعدوان والسلبية الموجودة عند شركاء الميدان .. الذين قضوا وقتا وجهدا في الثورة من قبل .. اشكاليتهم أنهم لم يفهموا بعد أن هذه مرحلة بناء .. فقط .. الهدم زمنه ولى .. فلا معاول للهدم تصلح لاصلاح ما فسد قدر احداث حراك ايجابي وصناعة نهضة حقيقية وبذل النفيس في سبيل تحقيق ذلك …
وأنه بنفس عطائهم في أيام الثورة وبنفس الآليات مطلوب منهم الآن أن يحققوا أهداف الثورة بالعمل والأمل وليس بالعويل واللطم ..
انعدام الرؤية وغياب البوصلة والعجز والهزيمة النفسية هم السبب وليس القيادة السياسية ولا الدولة العميقة ولا أعداء الخارج والداخل ..
تحرك واعمل وتوكل على الله .. تكون رجل المرحلة ..

البيجامة: عن جنة الدنيا

الجنة هي وصف للمكان الملئ بالشجر المثمر ..
وفي الدنيا جنة المؤمن مع المؤمنين .. حيث يكون الفرد المؤمن مثمرا بالخير لمن حوله .. ويكون اجتماع المؤمنين هو رياض الجنة التي من لم يردها في الدنيا لن يرد جنة الآحرة ..
وبالطبع في الآخرة الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر …
جمعنا الله واياكم في الفردوس الأعلى منها ..