أرشيف المدونة

البيجامة: الاسلام السيكي ميكي

 

#الاسلام_السيكي_ميكي هو ما جرت عليه العادة المجتمعية وألفه الناس وصار دينا يورث بينهم “أي منهج حياة” لا ينكره أحد ويقره الكل .. ويكون النهي عن هذا المنكر شاذا بين الناس بل وقد يكون الأمر به هو المتعارف عليه .. حيث يصير المنكر معروفا والمعروف منكرا ..

لست أتحدث عن أشخاص أو أعين “فلان” أو “علان”،إنما الحديث عن نموذج الاسلام المعروض الآن بين عموم المسلمين، أتكلم عن عينة عشوائية، موجود منها أمثلة حقيقية تعيش بيننا، أتحدث عن نفسي في مراحل مختلفة من حياتي، تبت عنها وأحاول البقاء على عدم الرجوع لها، أتكلم عن نموذج “الدين” الذي نعيشه ونقره ونقيس عليه “الوسطية”

لو لم ننكره بداءة … لن نغيره ..

وقد بشر رسولنا أن الاسلام بدأ غريبا ويعود غريبا .. نعم يعود غريبا لأننا ألفنا هذه النسخة المعدلة من الاسلام .. حيث توارثناها ووجدنا عليها آبائنا… وظننا أن الله أمرنا بها .. لنظام الحياة .. حتى صرنا نقيس “الوسطية” عليها ..

وفي مثل هذه الغربة هاجم الأنبياء أقوامهم وقالوا لهم : “أفلا تعقلون”؟ “أفلا تذكرون”؟ “إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء” “وتأتون في ناديكم المنكر” “وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون” “وإذا بطشتم بطشتم جبارين” “إن الله لا يصلح عمل المفسدين” “ويل للمطففين” .. وغيرها وغيرها .. واستخدموا مع الترغيب الترهيب … ومع اللين الشدة والغلظة ..

قد لا تتسق هذه الغلظة مع بعض الناس ولكنها معذرة إلى الله، وقد تتسق مع أناس آخرون .. ولكنها مطلوبة ..

وأعوذ بالله أن نعين ونقول على أحد : لست مؤمنا .. ولكن نذكر بحال الكثيرين ممن يسبون علماء يجتهدون لتعليم الناس الدين ويقولون عنهم أنهم يشوهون صورة الدين، فأسأل بنفس مقاييسهم : من يشوه الدين أكثر ؟؟ أفراد يجتهدون في تطبيقه وتعليمه لغيرهم أم مجتمع يقر ويرتضي غيره ؟؟

وذلك لأن المجتمع إذا أصبح لم ينكر المنكر، فلن يغيره ..
واستتبع ذلك حاجة إلى توبة .. واستغفار وعودة إلى الله وانابة ..
وأول مراحل التوبة هي “الاعتراف أن هناك خللا وحاجة للتغيير”
وثانيها هو “الندم على فعلها” وذلك لن يتأتى بالترغيب فقط ولكن يحتاج إلى ترهيب من عواقب الفعال في الدنيا والآخرة .. ليكون شهود الندم وسوء المآل في كل تكرار لهذا الفعل ..
وثالثها هو العزم على الاقلاع عنها .. والعزم بتركها، وتقوية هذا العزم تكون بخلطة الصالحين، واعتزال الفاسدين، وجلاء القلوب بالقرآن وتقوية الأنفس بالذكر والاستغفار والعبادات وعمل الصالحات ..
ورابعها هو آداء الحقوق لأصحابها، وأقله تعليم أبنائنا صحيح الدين وأن نحرص ان نعلمهم أصوله التي لم نتعلمها صغارا .. فلا ننقل لهم عادات وتقاليد ولكن نعلمهم الدين الخالص ..

ولست أتكلم عن الذنوب التي ينكرها الناس بالفعل، ويتوارون وهم يفعلونها ويقومون بها وهم في خجل من الله ومن الناس، والتي ينظر إليها الناس على أنها عار .. لأن هذا رصيد الفطرة .. فخطر الذنوب هو عندما تصبح عادة يألفها الناس، وينسوا أصلها ويمارسوها على أنها عبادة …

أعني أنه ربما يرتكب أحدهم كبيرة كأن يسرق أو يزني أو يرتشي، ويكون خجله من الله وندمه أقرب وأرجى من معصية من الصغائر تهون في عين مجتمع يجاهر بها، ولا ينكرها أحد …

وهناك من الناس من يعترفون بتقصيرهم .. ويمارسون أشكال أو مظاهر من هذا الشكل من الدين الدارج في المجتمع، نسأل الله لها العافية والتوبة وصلاح الحال، وهؤلاء لا خطر عليهم إن صدقوا وآمنوا وأصلحوا، إنما الخطر كل الخطر على الذين يظنون أنه هو الاسلام وبيقيسوا عليه الوسطية وهذا هو مناط الخطر

فكل أمتى معافى إلا المجاهرون … وعندما يجاهر مجتمعا بأعمال تغضب الله .. يكون الخطر على هذا المجتمع شديدا .. إذا لم يقم المصلحون بتنبيه الناس من أخطار هذه المعاصي وهذه المخالفات ..

أقل قدر أن ننكر المنكر .. في سبيل تغييره إن أمكن ذلك …

فلا يخدم هذا الشكل من الدين إلا أعداؤه الذين يودون لو أننا نتخلى عن ممارسته فيما بيننا حتى نتساوى معهم في البعد عن الله ومنهجه، والله لقبول غير المسلمين بنموذج لدين آخر مشوه غير الاسلام هو لمعرفتهم أنهم يستطيعون توظيف هذا الشكل المشوه والممسوخ لصالحهم .. فليس هذا هو الاسلام الذي سينتصر عليهم ..

نسأل الله العفو والعافية وصلاح أمرنا في الدين والدنيا والآخرة .. والثبات على الرشد والغنيمة من كل خير والسلامة من كل شر