أرشيف المدونة

البيجامة: الخلافة والانسانية

 

طالما اهتممت باذابة الفوارق بين البشر، وجمعهم على مساحة توافقية قيمة .. وانضممت لعدة مجموعات مختلفة تشكلت لهذا الغرض، غير حظي من السفر والمعارف والأصدقاء من الجنسيات والأديان الأخرى …
وحلمت بالكرة الأرضية يسكنها الناس على اختلافاتهم في حالة من القبول والتفاهم والسلام ..

ولم أتفهم يوما الحدود الفاصلة وتصاريح العبور القائمة على القوميات والشعوبيات .. وكان بيني وبين غيري من الناس ما هو مشترك ولو

 اختلفت الألسنة …

فبحثت في المجموعات التي تدعو لمثل هذه القيم الانسانية .. فما وجدت ما يرضيني في المناهج الأرضية .. ووجدت الاسلام وقد أنجز ذلك منذ زمان ..وكانت فريضة الحج هي رمز هذه الوحدة وتذكار للأمة عاما بعد عام ..

ولكن واقع الدول والممالك التي يعيش فيها المسلمون والناس لا تمثل وافع الحج ومعانيه ..

ولم أفهم يوما عودة الخلافة خارج هذا السياق .. فمنهج الإسلام في الحكم هو ما يحافظ على هذه المعاني في أرض الواقع ..بعيدا عن الجاهليات التي تفرق ببن الناس ..

وللأسف فقيام الخلافة الاسلامية هو الحلم الذي تنتظره الفطرة الانسانية وفي ذات الوقت هو الخطر الذي يهدد عروش أرباب هذه الجاهليات وأصحاب المصالح الذين شكلوا ثرواتهم وحكمهم على الوضع القائم .. ووصول الاسلام للحكم معناه نهاية أساطيرهم .. ولذلك كانت محاربة هذه الفكرة هي همهم الأول وتجفيف منابعها ومنطلقاتها ..
ولشلك تحتاج هذه الفكرة لمأسسة وقوة لتحميها حتى تصير واقعا ..
الخلافة ليست أسطورة … ولييت صنما في ذات الوقت .. بل هي غاية التعايش السلمي بين الناس على ظهر المعمورة ….

هل لمن حلم يوما بدور في عودة الخلافة أن ينسى حلمه وهمه؟ ويبحث عن ارضاء من يعادي الفكرة من الأساس أكثر من ادماج والتعاون مع من يشاركونه نفس الهدف؟

ولو كان الخوف من شبح الاستقطاب فبداية الثورة المصرية كانت استقطابا لانهاء الاستبداد، تم استقطاب كل المخلصين من أبناء البلد للوقوف أمام الاستبداد والظلم .. وقد سقط رؤوس الظلم، ولم ينتهي بعد الظلم، لأن هناك من لا يتفهم أن شوكة الحق ضعفت بتشتتها وتشرذمها في مواجهة شوكة الباطل التي لا زالت متماسكة – بلا رأس – نعم – ولكن بألف رأس .. لم تنتهي المعركة بعد .. لماذا فترنا وتنازعنا .. ؟؟ لماذا تشرذمنا ؟؟ أو لم نؤمن بعد أن حل الظلم الوحيد هو في التوحد خلف منهج الله ؟؟ واستمرار الاستقطاب يجب أن يستمر حتى تنتهي رؤوس الشرور، ولن يتم ذلك إلا بتحرير فلسطين كحد أدنى لمثل هذه المعركة التي بدأت بالفعل ..

في حالة الممالك الجاهلية التي كنا ولا زلنا نعيش فيها تقدمت الحضارة الغربية (عن طريق الوحدة) وسادت العالم لتقدم نموذج جائر مشوه لريادة العالم والتحكم في موارده، يحمي عصابة من الأغنياء الداعمين للصهيونية .. بينما غرقت شعوبنا في أتون الجهل والفقر والاستبداد والاستعباد ..

يجب أن نتفهم جيدا أننا مسئولون عن استعادة الريادة الانسانية باقامة الحق والعدل والمساواة بين الناس وذلك باقامة شرع الله، وأن حدودنا لا تقتصر على دولتنا، بل هي تشمل كل الأرض، وهي أمانة سنسأل عنها، وكل تأخير في اقامة الخلافة ليست في صالح أحد إلا أعداء الانسانية والعصابة الحاكمة ..

ولا سبيل لذلك إلا باستمرار الاستقطاب، فجانب الحق واضح، وجانب الباطل واضح .. ولا مساحة رمادية بينهما ..

ولكي أشرح ذلك على مثال عملي .. كل تأخير في نصرة الثورة السورية يصب في مصلحة من ؟ وكل تأخير في اقامة شرع الله في مصر وانجاز معاني العدل وتطهير الاعلام والقضاء واطلاق تشريعات تؤكد مقاصد وأحكام الشريعة في صف من ؟ وهل يصح أن يوجد في سوريا مساحات رمادية للناس؟؟ ولو لم توجد في سوريا فهي لا توجد في مصر أيضا .. أي محاولة للمهادنة مع الباطل لا تصب إلا في صالحه …

نجاحنا في مصر وفي سوريا وفي كل بقاع الأرض مرتهن بثقتنا بما نمتلك من أسباب السعادة للبشرية ومن حلول إنسانية للمجتمعات وبايماننا بمهمتنا التي استخلفنا الله فيها ..

ولذلك علينا فهم “خذ الكتاب بقوة” بعمق ونافذية .. فأسباب الفوة في الاعداد الذي نعده، جزء من هذا الاعداد تقوية ايماننا بالله مسبب الأسباب، وتمسكنا بكتابه وشرعه، وجزء آخر مادي حسي هو تقديم حلول عملية لمشكلات الناس، والأخذ بالأسباب قدر المستطاع، والتضحية بالنفس والمال لتقوية الفكرة والدفاع عنها، بل وقتال الناس عليها.. وذلك من دروس “وأعدوا”، وقبول البيعة “إن الله اشترى”

وسبحان الذي سبب الأسباب لجعل الخلافة واجبا وضرورة وقتية وهي قد كانت حلما بعيد المنال (مقتبسة من الصديق مازن السباعي) ..
وسبحان الذي أنهك عدونا وكشفه وفضحه وكشف أولياؤه وأسقط رؤوسا عديدة، بغير حول مننا ولا قوة …

وآخر الأمر فأنا لا أستبعد أن يكون استخلاف الله لجماعة الاخوان هو بداية لهذا الحلم .. ولكن على باقي الشعب اليقظة وتكوين النظام الموازي الذي يحمل الراية إذا سقط الاخوان .. وفي هذا كتب أخي إسلام أنور المهدي

مقالة مرتبطة من الأخ إسلام أنور المهدي:
http://www.nahdaislah.com/article/728–.aspx

نسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا ..